مفهوم بناء العادات الحسنة قد أصبح شائعا بل بديهيا وليس بحاجة لأي تعريف فموقع يوتيوب مليء بمحتوى التنمية البشرية وتطوير الذات والإنتاجية وربما عزيزي القارئ أنت هنا لأنك مللت من الإجابات المماثلة التي وجدتها، لذا سأعطيك شيء من تجربتي الشخصية وأيضا مما بحثت واتطلعت، إن بناء عادات دراسية جيدة يجب أن يكون أولوية كبيرة فهو أمر غاية في الأهمية لبناء طالب مجد ومنضبط، إن الكثير من الطلاب الأذكياء يرهقون أنفسهم بعادات سيئة ويلحقون الضرر بأنفسهم من خلال عدم بناء العادات الجيدة.

دائمًا ما تسمع الناس يقولون إن شخصًا آخر محظوظ لأنه ولد ذكيًا أو أكثر انضباطا بالفطرة، لكن لا أحد بات يعتقد أن هذا صحيح. إن الاختلاف في الدرجات في المدرسة أو الجامعة تعود ببساطة إلى من لديه عادات أفضل، الخطوات التي سأوضحها هنا في هذا المقال هي بناء على تجربة شخصية ونصائح من الغير قد أفادتني شخصيا، ستساعدك في الواقع في تغيير أي نوع من العادات، لكنني سأتحدث عن كل شيء في سياق المدرسة لنبدأ بالحديث قليلاً عن العادات بشكل عام.

عاداتنا هي التي تجعلنا في الأساس ما نحن عليه، لذا يتعين علينا أن نختارها بحكمة ما نفعله كل يوم سيحدد في النهاية من سنصبح لهذا السبب لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أن الشخص الذي يدرس ويستثمر في العلوم كل يوم سيصبح عالمًا جيدًا وبالمثل فإن الكاتب الجيد سيكتب كل يوم، إن العادات تستغرق وقتًا وجهدًا للتغيير، تشير الدراسات إلى أن لدينا في الواقع قدرًا محدودًا من قوة الإرادة عندما نتخذ الكثير من الخيارات في يوم واحد نحن في الواقع نستنفد قوة إرادتنا، ممكن تشبيه قوة إرادتنا ببطارية الهاتف المحمول، وهذا ما يُعرف باسم استنفاد الأنا في علم النفس ، على سبيل المثال فكر في شخص يقاوم إغراء تناول الوجبات السريعة طوال اليوم، نتيجة لذلك إنهم يقللون ويستنزفون من قوة إرادتهم وفقا لنظرية استنزاف الأنا، إذا كان هذا الشخص يحاول دراسة مسألة ما أو القيام بمهمة تحتاج بعض الجهد فمن المحتمل أن يستسلموا بشكل أسرع من الشخص الذي لم يقاوم نفس الإغراء طوال اليوم، هذه الفكرة تسلط الضوء حقًا على أهمية العادات.

العادات هي سلوكيات تلقائية لا نحتاج حقًا إلى التفكير فيها ويجب فعلها بشكل روتيني، عزيزي القارئ ليس عليك قراءة أي كتاب عن قوة العادات أو قراءة مقالات أكثر مما ينبغي فهذا شكل من أشكال تضييع الوقت، شكل من إشكال الكسل والإلهاء الذي يبعدك عن ما الذي عليك القيام به حقا!، ولأن العادات كما ذكرت يجب أن تكون روتينية وتلقائية نستنفد قوة إرادة أقل خلال اليوم، لذا ولكي تصقل مهارة بناء العادات وقبل أن تقرر بنفسك ماهي العادات الدارسية الأكثر تحقيقا للإنتاجية والفائدة عليك أن تعرف وتخوض وتجرب إدخال عادات حسنة إلى حياتك، دمجها مع روتينك اليومي، سأقوم بتوضيح بعض الخطوات البسيطة لبناء عادات جيدة:

الخطوة الأولى: هي التخطيط

نحن بحاجة إلى تخصيص وقت في جداولنا وتحديد مكان ملموس لهذه العادة، بحسب دراسة نشرت في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي من الأفضل تنفيذ العادات جنبًا إلى جنب مع الإشارات، ذكر هذا المفهوم بأكثر من كتاب تحدث عن العادات ولكن سأشرحه بطريقتي الخاصة. على سبيل المثال في قرارة نفسي بعد العشاء سأقرأ لمدة 30 دقيقة أو بعد الإفطار سأتمشى على الأقدام لمدة 30 دقيقة، والهيكل الأساسي هو أنه إذا حدث x فسوف أفعل تلك العادة، هذا المفهوم لإدخال العادات الحسنة إلى حياتنا عليك تجربته لأنه فعال للغاية، لأبسط لك الأمر أكثر لنرى ما هو أكثر شيء روتيني وشائع في حياتنا وهو النوم، لذا بناء عادات بعد الاستيقاظ من النوم هي أمر حتمي. لتحدد هدف مثل سوف أنظف أسناني بعد الاستيقاظ، وجدت الدراسة أن مستوى التلقائية (وهو ما يعني الشعور بالتلقائية في العمل) ارتفع بشكل مقارب، وهناك نوعان من الآثار النفسية حول العادة لذلك وهذا يعني أن الأيام القليلة الأولى بل الأسابيع الأولى ستكون الأصعب في بناء العادة الحسنة.

لا ترغب حقًا في كسر السلسلة الاعتيادية التي تعيشها؟ ربما أنت متحمسُ الآن لادخال العادات الحسنة إلى حياتك، بعد يوم واحد سيكون هناك أثر كبير على كيفية القيام بالأمور، تشعر تلقائيًا بفعل أو سلوك معين ثانيًا عليك القيام به ولكن ولأنك كسرت روتينك اليومي فسيكون الحمل فوق صدرك بثقل الجبال، عليك أن تعي صعوبة إدخال أبسط العادات إلى حياتك وإلا فأنت مثل الجميع ستتركها في النهاية، لنعد لبناء العادة أنت استيقظت صباحاً واستطعت القيام بعادات معينة لفترة وليكن عادة شرب كوب من الماء، ما ستلاحظه حقاً أنه كلما قمت بهذا الفعل، كلما قلت قوة الإرادة المطلوبة للقيام به مرة أخرى وهذا يعني أنه كلما كررت الفعل أكثر كلما أصبح الاستمرار أسهل في القيام بذلك والأصعب الآن هو كسر هذه العادة أي عدم القيام بها، عندما ترى أنك لا تستطيع الخروج عن روتينك اليومي وعدم قيامك بالعادة الحسنة التي أدخلتها في حياتك فتهانيا أنت نجت في جعلها من روتينك ويحق لك الفخر والاحتفال لأن هناك الكثير من العادات التي يجب عليك تبنيها بعد، وإن هذا أمرًا جيدًا إذا كانت العادات التي تنشئها مفيدة للآخرين، وأمرًا سيئًا إذا كانت العادات التي تخلقها كذلك سيئة بالنسبة لنا.

عليك بناء عادات جديدة لكن إياك أن تهرع وتتبنى عدة عادات بنفس الوقت والخطأ الأكبر أن تقرر ترك عاداتك السيئة كلها مباشرةً، لا تدع الحماسة من يقود حيات عليك أن تهدأ وتفكر بروية وتعي أن تغيير عاداتك لا يكون إلا بالتدرج، وإذا كنت ترى نفسك كسولاً(لا أرى أحداً في هذا العالم كسول) عليك بناء عادة واحدة فقط في نفس الوقت، نجحت في شرب الماء بعد الاستيقاظ من النوم وأنا لن أتحدث عن الفوائد الجمة لهذه العادة ما الذي عليك فعله تالياً؟ أنت هنا لأنك تريد إدخال عادات دراسية حسنة إلى حياتك ربما أنت هو أكثر من يعرف نفسه ويعرف ما نوعية العادات التي يجب تبنيها أولا، لكن سأساعدك من تجربتي الشخصية إذا كنت تشعر بالحيرة لكن دعنا نستكمل حديثنا عن العادات

كما تبين معنا مقدار الوقت اللازم لتكوين العادة يختلف نسبيا لكل فرد، على الرغم من أن متوسط الوقت اللازم لتكوين العادة كان 66 يومًا وانخفضت الأوقات الفردية ما بين 18 يومًا إلى 254 يومًا، وذلك لأن العادات المعقدة تستغرق وقتًا أطول في التشكل مقارنة بالعادات البسيطة، بالنسبة لمعظم الناس إن التغيب عن يوم من أداء العادة بعد الأشهر القليلة الأولى لم يساهم سلباً في تكوين هذه العادة ومع ذلك، أشارت دراسات أخرى إلى أن أخذ فترات راحة لمدة أسبوع ربما يكون شيئًا مثل عطلة الشتاء أو عطلة الربيع ويساهم بشكل سلبي لتكوين هذه العادة.

الخطوة التالية: هي المراقبة

المراقبة من أجل تحديد ما إذا كانت العادة تتغير نحو الأفضل أو نحو الأسوأ، يجب أن يكون لديك قياسات موضوعية تساعدك في قياس تقدمنا، عليك أن تحدد هذه العادة على سبيل المثال إذا أردت إنقاص الوزن يجب أن أتتبع كمية السعرات الحرارية. نحن نأكل وكمية التمارين التي نمارسها، وقد أظهرت الدراسات أن هناك علاقة كبيرة بين المراقبة الذاتية لفقدان الوزن وتكرار التمارين، أستطيع أن أقول من تجربتي الشخصية أن الأمر لا يتوقف عند ممارسة الرياضة فحسب بمجرد أن نعرف الأرقام المرتبطة بالعادة. يمكننا اتخاذ خطوات صغيرة لتحسينها. أنت كطالب يرغب في الحصول على عادات دراسية أفضل قد تفكر في تقنية البومودورو؟ بومودورو هي تحديد مقدار الدارسة وأيضا ضبط أوقاتا للراحة، مثلا 25 دقيقة دراسة في مادة الفيزياء وبعدها 5 دقائق راحة وهكذا، وعليك تحديد عدد الجلسات مثلا 4 جلسات لدراسة الفيزياء اليوم أي ساعتين، عن نفس أفضل 55 دقيقة متواصلة وضبط 5 دقائق للراحة فقط، بمجرد جدولة هذه المعلومات على الورق أو في الذهن يمكنك اتخاذ خطوات مدروسة لتحقيق النتائج التي تريدها على سبيل المثال لنفكر في طالب يدرس مادة العلوم يوميًا على أربع مراحل لمدة كل منها 30 دقيقة وهذا يعني أن هذا الطالب يدرس إجمالي ساعتين في اليوم، المجال الذي لا يدرسونه بشكل كافٍ ويريدون بناء عادة الدراسة لفترة أطول يمكنهم زيادة وقتهم ببطء يمكنهم إضافة بومودورو واحد أو كتلة دراسية مدتها 30 دقيقة للأسبوع أو الشهر الأول ليصل إجمالي وقت الدراسة إلى ساعتين ونصف. وهذا تغيير صغير ويمكن التحكم فيه بعد الأسبوع أو الشهر الأول يمكنهم إضافة بومودورو آخر يمكنهم تكرار هذه الدورة حتى يدرسوا طالما أنهم يشعرون أن هناك وقتًا كافيًا

من تجربتي الشخصية في التعلم والدراسة أقول: قبل أن تخصص مادة كاملة للدراسة ثم مراقبتها بناءً على النتائج التي توصلت إليها وتقر أن المراقبة الدقيقة تساعد في تحديد ما إذا كانت هذه المادة الدراسية تستحق الوقت والمال أو الطاقة التي ستستهلكها أود أيضًا أن أضيف أنها تساعدك في إجراء تغييرات صغيرة في حياتك ويمكن التحكم فيها لتحسين عاداتك وستبني عقلاً أكثر انضباطاً.

الخطوة التالية هي الراحة

فكلما كان من الأسهل القيام بشيء ما كلما زاد احتمال قيامنا به لهذا السبب من المهم أن نجعل أي عادة نريد أن نحافظ عليها مريحة قدر الإمكان، إليك بعض الأفكار المريحة السريعة: تريد أن تكون اجتماعيًا أكثر ولكن منشغلًا بالمدرسة؟ قم بإنشاء مجموعة دراسية أو انضم إلى نادٍ في الحرم الجامعي ترغب في دراسة المزيد ولكنك مشتت بالتكنولوجيا مثل ألعاب الفيديو والجوال وما إلى ذلك افصل جميع التقنيات ذات الصلة وأعطها لشخص ما ليختبئ منك لجعلها أكثر ملاءمة للدراسة، هل تريد قراءة المزيد من الكتب؟ ولكن لا يمكنك العثور على الوقت الكافي لاستخدام الكتب الصوتية والاستماع إليها أثناء تنظيف أسنانك أو القيادة إلى المدرسة أو العمل؟ الخطوة الأخيرة:

الخطوة الأخيرة: هي المكافأة

كنت أفترض أن المكافآت تساعد في خلق عادات قوية على سبيل المثال إذا ما كنت أتناول طعامًا صحيًا طوال الأسبوع لذا فأنا أستحق هذه الوجبة الرخيصة الغير صحية هكذا أفكر، لكن الذي تعلمته في رحلتي في إدخال العادات الحسنة إلى حياتي أنني لن أفعل نشاط خاص أو عادة معينة لذاتها وإنما فقط لكسب المكافأة هذا المنطق لا يعمل، أو ليس بهذه الطريقة، لذلك تعلمت أن أربط النشاط بالفرض أو الحرمان أو المعاناة، الحل هو إيجاد مكافأة داخل العادة نفسها سيكون من الأفضل بالنسبة لي أن أقول شيئًا مثل أنني أمارس التمارين الرياضية باستمرار لمدة عام سأقوم بإنفاق المال على إنشاء صالة الألعاب الرياضية المنزلية الخاصة بي. هذه مكافأة باهظة الثمن، لكنها توصل الفكرة، المكافأة تعزز هذه العادة من الناحية المثالية، ستساعدني صالة الألعاب الرياضية المنزلية في ممارسة التمارين.

مثال آخر هو أن يكون لدي فصل دراسي وأقوم بتدوين ملاحظات جيدة لذا، سأستثمر من وقتي قليلاً على جهازي اللوحي حتى أتمكن من الاستمرار في القيام بذلك بشكل أسهل، مرة أخرى والمكافأة تعزز العادة

الدليل البسيط لخلق عادات جيدة: نبدأ أولاً بالتخطيط للعادة، يلي ذلك مراقبتها ثم جعلها مريحة قدر الإمكان، وأخيراً مكافأة أنفسنا بشيء يعزز هذه العادة. فيما يلي مثال على كل شيء تحدثت عنه تم تجميعه معًا: عندما تصل إلى المنزل من المدرسة. سأنهي 6 بومودورو خلال فترة أسبوعين سأزيد هذا الرقم إلى 11 بومودورو وأبقى هناك باستمرار لجعل هذه العادة مريحة، سأقوم بتنظيف مكتبي بعد كل جلسة عمل وأقوم بتجهيز جميع المواد اللازمة وجاهزة للذهاب في اليوم التالي إذا أدرس باستمرار لمدة شهر. سأشتري جهاز آيباد لتبسيط عملية تدوين الملاحظات أو تطبيقًا جديدًا لجعلي أكثر إنتاجية

بناء العادات الدراسية

الآن فهمت حقاً كيف تعمل العادات! كيف سأبني عادات دراسية جيدة، لقد ذكرت بالفعل بعض من أهم العادات الدراسية وهي تكتيل الوقت مع ضبط وقت للراحة وتسمى بالبومودورو، إن كيفية اكتساب عادات دراسية جيدة هي واحدة من أهم العوامل التي تؤثر على النجاح الأكاديمي والتحصيل العلمي. فالدراسة ليست مجرد مهمة تقوم بها بمجرد دخولك إلى الصفوف الدراسية، بل هي عملية مستمرة تتطلب التركيز والانضباط والإرادة. فيما يلي نصائح عامة لاكتساب عادات دراسية جيدة:

  1. تحديد الأهداف الدراسية: يجب أن تكون أهدافك الدراسية واضحة ومحددة. قم بتحديد ما تريد تحقيقه بالضبط وكيف ستعمل على تحقيقه.
  2. تنظيم الوقت: جدول زمني منظم يساعدك على توزيع وقتك بين الدراسة والراحة والأنشطة الأخرى. يجب أن تخصص وقتًا كافيًا للدراسة بحيث تكون فعالة ومنتجة.
  3. الاستفادة من الوسائل التعليمية المناسبة: اختر الكتب والمصادر التعليمية التي تناسب أسلوب تعلمك وتساعدك على فهم المواد بشكل أفضل.
  4. التركيز والانتباه: قم بتخصيص وقت خاص للدراسة دون أي تشتت أو تشغيل للهواتف الذكية أو الإنترنت، وتأكد من أن بيئتك مريحة ومناسبة للتركيز.
  5. المراجعة الدورية: قم بمراجعة المواد الدراسية بشكل دوري لتثبيت المعلومات وتحسين فهمك وتذكر المواد بشكل أفضل.
  6. تطوير مهارات الدراسة: اكتساب مهارات القراءة السريعة والملاحظة والمراجعة الفعالة يمكن أن يزيد من فعالية وكفاءة عملية التعلم.
  7. الاهتمام بالصحة العامة: النوم الكافي والتغذية المتوازنة وممارسة الرياضة تسهم في تحسين القدرة على التركيز والتحصيل العلمي.
  8. التعاون مع الآخرين: قم بمشاركة المعرفة مع زملائك وطلب المساعدة عند الحاجة. العمل الجماعي يمكن أن يكون مفيدًا في فهم المواد بشكل أعمق.
  9. التحفيز الذاتي: حافظ على تحفيز نفسك وتشجيع نفسك على الاستمرار في العمل الجاد وتحقيق الأهداف الدراسية المحددة.
  10. التقييم المستمر: قم بتقييم أدائك بانتظام وتحليل نقاط القوة والضعف، واستخدم التجارب السابقة كفرصة للتعلم والتحسين.

من المهم أن تكون مستمرًا في تطبيق هذه النصائح والعمل على تحسين عاداتك الدراسية بانتظام، فالاستمرارية هي مفتاح النجاح في المجال الدراسي وفي حياتك الشخصية بشكل عام.

مبهر أيضا!